10 Comments
User's avatar
Mariam Ghaben's avatar

إنه لمن المضحك والمثير للسخرية معاً، كيف أني ما زلت أعتبر أي نقد موجه لستونر هو بمثابة إهانة شخصية لي، لذا لم استطع منع نفسي من كتابة هذا التعليق في محاولة الدفاع عنها قليلاً.

ويعود ذلك بشكل أساسي لارتباطي العميق بالرواية، في الوقت الذي قرأتها فيه قبل قرابة الثلاث سنوات، ومع أني لم أُعد قرائتها من ذلك الحين، إلا أني بالتأكيد أخطط لفعل ذلك في وقت قريب، وأنا موقنة أن مشاعري ورأيي فيها سيكون مختلفاً في المرة الثانية،

.لاختلاف ظروفي الحياتية عن تلك التي قرأتها فيها،

ومع أني اعترف أني لا أذكر كل شيء بشأنها حالياً، إلا

أني أذكر جميع المشاعر الإيجابية والابتسامات البلهاء التي ارتسمت على وجهي وأنا أتنقل بين صفحاتها، مصادفة في ذلك الوقت ما بدا لي أكثر سرد شفاف وقابل للارتباط به، قد مر علي بالمطلق

أذكر أيضاً شعور ستونر العميق بالعزلة، واغترابه عن الواقع المحيط به، وما قد يراه الآخرين مللاً في شخصيته، وعيباً فيها، بان لي كاستسلام عميق للواقع، وهي الفلسفة التي ارتأيت أن ستونر قد تبناها، منذ صغر سنه، كآلية دفاعية، استجابة لظروف حياته الغير مثالية منذ بدايتها.

بالإضافة إلى لغة السرد الجاذبة حد التخدير، والندبات

الشعورية المحفورة عميقاً في دواخل ستونر، ما شدني إلى الرواية وقتها، هو الوصف الهادئ لتلك اللحظات الصغيرة التي من شأنها أن تُحدث أكبر وأكثر التغييرات دراماتيكية في حياتنا، ليس بسبب اللحظات بحد ذاتها بل بسبب الطريقة التي نقرأ ونترجم فيها هذه اللحظات، ومن ثم كم المعنى الذي نصبغه عليها، بعد تبنيها وحفرها في ذاكرتنا، وبالنسبة لستونر كان هنالك العديد من هذه اللحظات، التي ويا للمفاجأة لامستني أنا أيضاً، وإحدى الأمثلة عليها هي اللحظة التي شعر فيها ستونر بخروج نفسه من جسده، ومراقبتها لكل ثقل وجوده ينبسط أمامه أثناء درس اللغة الإنجليزية وحواره مع أستاذه، كاشفاً له عن أمر يستمتع حقيقية به، وربما الأمر الوحيد الذي سيضفي على حياته المعنى.

نهاية، لم أرد حقاً لهذا التعليق أن يغدو مقالة كاملة، لكني لم استطع مقاومة اغتنام فرصة المدافعة عن ستونر، أمام من يعدها مملة الأحداث والشخصية، لأن هذا الملل وانعدام البطولية في الرواية والشخصية الرئيسية هو انعكاس حقيقي لمعظعم حيوات البشر من حولنا، فلسنا كلنا أبطالاً، ولسنا كلنا نبتغي تغيير العالم، وإحداث زوبعة من التغييرات أينما حللنا، وأنه ربما تكون أكبر العقد في حياتنا هي مجرد فكرة وجودنا بحد ذاته، كما العقدة الرئيسية لشخصيتنا الرئيسية (ستونر)، وليس لنا إلا الاستسلام والتعامل مع هذا الوجود.

Expand full comment
Hussain Al-Ismail's avatar

شكرًا مريم على تعقيبك المستفيض.

أتفهم تمامًا ارتباط الرواية (وأي رواية أو كتاب) بفترات معينة من حياتنا وبأثر معين امتلكته علينا، وهذا شيء أدري إنه تكرر بحياتي لروايات قرأتها مجددًا وشفت إني صرت أنفر منها شوية.

وما أظن أختلف معاك بتوصيف عدم "بطولية" ستونر بهذا المعنى. الإشكالية عندي إنه شخصيته المملة كانت مصحوبة بسرد ممل (وهنا نقطة الاختلاف). فيه فرق بسيط عندي بين الشخصية المملة كشخصية، وبين الشخصية المملة من ناحية السرد. بالنسبة لي، الخلل الرئيسي خلل سردي. ما شدتني الرواية إلا في أول كم صفحة منها. عدا ذلك، كانت الرواية تقصي مليء بالفجوات في بناء عالم متناسب مع المدة الزمنية اللي تغطيها الرواية.

المواقف المثيرة للاهتمام تُذكر بشكل عابر في بضعة سطور قبل الانتقال لمواقف أخرى، وهالشيء ما أتاح لي كقارئ إني أفهم بالزبط التحولات اللي قاعدة تصير بشكل حقيقي. كأنما الكاتب كان يعطيني الموقف والتحول ويقول يلا خلاص.

Expand full comment
Silukaria's avatar

أكيد لا غنى عن حلقة وخربوشة ١٢ كتاب ١٢ شهر

عالأقل كتب أعجبتك، ومابيضيع وقتك وانت تكتب عن كتب اضاعت وقتك

Expand full comment
Hussain Al-Ismail's avatar

شكرًا سيلوكاريا. شكلي بكتبها بتخفيض ٥٠٪

Expand full comment
Amani's avatar

استمتعت بنقدك جداً ولكن لم استطع تجاوز " الوقت الضائع عندي هو الوقت الذي قضيته أمارس شيئًا دون أن تتحقق النتيجة المرجوة من وراء ممارسته" سيمضي يومي وانا مازلت اقلب العباره في راسي .

Expand full comment
Hussain Al-Ismail's avatar

أقدس وقتي بشكل مبالغ فيه، لكذا أتحسف بسرعة وقتما حسيته ضاع 😬

Expand full comment
Sharefa Alshawi's avatar

مو كل شي يحتاج نافذة حرية

الخيارات كلها إي

Expand full comment
Hussain Al-Ismail's avatar

ههههههههههه تقريبًا

Expand full comment
Wafiqa Almasri's avatar

"مع إني أتفق ويا الكاتب في إنه أزمة نقل المصطلح خارج أطر تطوره سبب تناقضات ومشاكل كبيرة عند نقادنا، بس أظن عنده نفس المشكلة لما يتعامل ويا الحداثة كظاهرة فلسفية/ثقافية ليها تاريخ تطوري يقدر يتقصاه ثلاثمئة سنة. في هالحالة بيكون هو أيضًا يتبنى الإطار الحداثي الغربي اللي يحاول يفككه."

مرحبا حسين

لديّ استفسار حول الاقتباس المُضمّن أعلاه: هل لك أن توضّح أكثر ما الفرق بين اتفاقك مع الناقد من حيث المبدأ حول أزمة نقل المصطلح خارج "أطر التطور" ومشكلة التعامل مع" التاريخ التطوري" للحداثة كظاهرة؟ كيف يمكن أن نفرّق فعليًا بين أطر التطور العضوية التي أدت إلى نشوء ظاهرة فلسفية/ثقافية وبين التأريخ التطوري لها؟

ولدي استفسار آخر حول عبارة "التعاطي مع الأدب من المنظور التشيئي المعطوب الذي تستعمله الأكاديميا". هل يمكنك أن توضّح هذه النقطة أكثر، من فضلك؟

شكرُا لك على هذه المشاركة

Expand full comment
Hussain Al-Ismail's avatar

مرحبًا وفيقة،

اتفاقي مع الكاتب من حيث المبدأ من باب إنه لا ينبغي التعامل مع المصطلحات على إنها نماذج صالحة للتطبيق، أيًا كانت. كل مصطلح وليد شبكة من السياقات المعقدة، واعتباره نموذج قابل للتطبيق والتصدير (والاستيراد) يعني تهميش كل هذي السياقات لصالح تصور مثالي كوني. أستخدم الحداثة مثال لأنه دائمًا هناك من ينادي بالحداثة على أساس إنها مرحلة ينبغي علينا وصولها عشان نتحضر، وهذا تصور ينطلق من إنه التغيرات الاجتماعية والثقافية اللي يصف بها الغرب نفسه وليدة تاريخ تطوري داخلي للغرب بانعزال عن "البقية" (اللي هم أساسًا تم صياغتهم في معرض صياغة هوية الغرب نفسه).

التاريخ التطوري المستبطن في الحداثة هو افتراض إنه هناك مجموعة من السمات التي وصل لها الغرب قياسًا على ثقافته (المسيحية البروتستانتية الليبرالية) اللي تمثل أفضل مرحلة حضارية، وتقاس/تقرأ بقية الظواهر والمجتمعات على ضوء هذي السمات. على سبيل المثال، إذا كان هناك مجتمع مدني في دولة غربية، يتم افتراض إنه المجتمع المدني بالضرورة أفضل من عدم وجوده، وإنه هذا الوجود هو في الحقيقة نتاج حتمي للثقافة الغربية. فبالتالي الدول اللي ما يحضر فيها المجتمع المدني حسب هذا التعريف تعتبر "متخلفة" (متخلفة زمانيًا من حيث إنها ما واكبت الحداثة، ومتخلفة ثقافية من حيث إنها ما أفرزت آخر صرعات الحضارة).

السؤال حول التفرق بين أطر التطور العضوية والتأريخ التطوري لها أصعب شوية. بشكل عام، أنا أؤمن إنه الظواهر الفكرية عمومًا تنشأ دائمًا في وسط تفاعلي، وبالتالي يصعب فعليًا تحديد نقاط البدء والانتهاء (سواء للإطار، أو للمجال اللي نشأ فيه الإطار). وبسبب هذا الإيمان، ما أظن إني مهتم بشكل فعلي بتحجيم نشوء الظاهرة، وهذا اللي يخليني دائمًا حذر في الحديث عن تصدير واستيراد الظواهر والأفكار. ممكن الظاهرة/الفكرة تكون مستوردة لما يتم استعمالها بإطارها ومصطلحاتها غير القابلة للإنبات في أماكن أخرى. يعني تكون مستوردة لما الفرد يتعامل مع الظاهرة كما لو إنها سلعة (إما تؤخذ كاملة أو ترفض كاملة). وهالنقطة فيها إشكاليات كثيرة فبخليها لوقت ثاني.

لكن التأريخ التطوري ممكن تتم مقاربته بشكل يكشف قصوره. بشكل عام، أي محاولة لتقصي مفهوم كما لو إنه ١) ذو حتمية تاريخية ٢) مرحلة حضارية، فهذا تاريخ تطوري. هني أستخدم الفكرة على ضوء أطروحات الداروينية الاجتماعية اللي رسخت فكرة إنه البشرية تتطور هي الأخرى، وإنه الأعراق المختلفة تنتمي لمراحل تطورية مختلفة، وإنه هناك علاقة مباشرة ما بين الثقافة والتطور. من هذا المنطلق، كل تأريخ يبرر "تفوق" عرقية معينة أو حضارة معينة أو قومية معينة يمكن تصنيفه كتاريخ تطوري.

النقطة الأخيرة ما كان ببالي أوسع من فكرة إنه الأدب في الأكاديميا يتم التعامل وياه على أسس انفصاله شكليًا/معرفيًا عن المعارف الأخرى، بحيث يمكن قراءته بانفصال عن كل ما هو خارج تعريف الأدب اللي تتبناه الأكاديميا. فكرة المدارس النقدية الأدبية ونظريات الأدب في كثير من الأحيان تنزع إلى تشييء الأدب واختزالها في "نصوص" تمتلك عالمها الخاص وتحاور بعضها البعض.

وشكرًا على تعقيبك وصبرك.

Expand full comment